قراءة في حديث.. ( هرقل عظيم الروم مع أبي سفيان حرب )
أستهلال :
كان ولا زال أغلب الموروث الأسلامي خارج حدود العقل والمنطق ، حاله
حال الكثير من النصوص والسنن والأحاديث ، التي غاب عنها أيضا العقل والمنطق ،
والأن نحن مع قصة خارج نطاق الواقع الطبيعي الذي يمليه الحدث والظرف والحال ، وقد
صدقها الجمع العام من المسلمين ، وهو دليل على أن الموروث الأسلامي جعل من الجمع
مدمن على تجهيل العقل وتحييد الأدراك ، وبنفس الوقت فاقدا للوعي حين قراءته للنصوص
!! ، والمشكلة الأكبر لماذا يصدقها ” البعض ” الأن !! .
النص :
يخبرنا كتاب ” المعجم الكبير ” / لأبو القاسم سليمان بن أحمد المعروف
( الطبراني ) عن حديث هرقل ملك الروم مع أبي سفيان بن حرب وكما يلي : (( حدثنا
هارون بن كامل السراج المصري ، ثنا عبد الله بن صالح ، ثنا الليث ، حدثني يونس بن
يزيد ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله [ ص: 234 ] بن عتبة ، أن عبد الله
بن عباس أخبره ، أن أبا سفيان بن حرب بن أمية أخبره :
” أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش ، وكانوا تجارا بالشام في المدة التي هادن فيها الرسول – أبا سفيان وكفار قريش ، فأتوه بإيليا ، فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ، ثم دعا ترجمانه ، فقال : قل لهم أيهم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ فقال أبو سفيان : أنا أقربهم به نسبا ، فقال : ادن مني ، وقربوا أصحابه فجعلوهم عند ظهره ، ثم قال لترجمانه : قل لهم : إني سائل هذا عن هذا الرجل ، فإن كذبني فكذبوه ، قال أبو سفيان : فوالله لولا الحياء أن يأثروا علي الكذب لكذبته ، ثم قال : أول شيء سألني عنه أن قال : كيف نسبه فيكم ؟ قلت : هو فينا ذو نسب . قال : فهل قال هذا القول منكم أحد قبله ؟ قلت : لا . قال : فهل كان من آبائه ملك ؟ فقلت : لا . قال : فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ قلت : بل ضعفاؤهم )) .. الى نهاية الحديث الذي يملأ الكتب والمصادر … والذي يثير الأنتباه والأستغراب والعجب ، هو ما ختم به ” هرقل عظيم الروم ” حديثه مع أبو سفيان حرب ، فقد جاء في موقع أسلام ويب (( .. فإن كان ما تقول حقا يوشك أن يملك موضع قدمي هاتين ، وهو نبي ، وقد كنت أعلم أنه خارج ، ولكن لم أكن أظن أنه منكم ، ولو أعلم أني أخلص إليه لالتمست لقيه ولو كنت عنده لغسلت قدميه . " !!! .
القراءة 1:
العرب أمة تعتبر الماضي ملهمها العقلي ، وهي بهذا تهمل
الحاضر الذي يعتبر المحرك الرئيسي للمستقبل ، وبنفس الوقت يعتبر تفعيل هذا الحاضر دافعا ومؤشرا للتقدم والنمو والتطور في مختلف الميادين ، ولهذا قال خالد الذكر
د.علي الوردي ( أن العرب أمة تعيش في الماضي ولا تحسن التعامل مع الزمن الذي
تعيشه ، وهذا سبباً في تخلفها ) أذن نحن أمة أقتصرت على ماضيها ، فألغت كل حراك
الحاضر وغيبت أفق المستقبل ودوره في البناء الحضاري .
القراءة 2 :
من حديث
هرقل مع أبي سفيان حرب يتبين لنا ، أنه هو حديث منقول عن أكثر من ثمان أشخاص ،
وهذا ما يسمى بحديث ( العنعنة ) وهو يكون عادة غير دقيقا وذلك لكثرة رواته ،
والحديث وقع حين كان أبي سفيان كافرا ، عابدا للصنم ، أي قبل أن يسلم ، والحال
يقول ليس من المنطق أن يمدح أبي سفيان شخصا / الرسول عاداهم و كفر بألهتهم
ونكر دينهم ، حتى وأن كان قوم أبي سفيان عبادا للأصنام .
القراءة 3 :
أن المنطق يقول /
خاصة ومن المؤكد أن الحديث نقل بعد أسلام أبي سفيان ، وأن أبي سفيان بيّن الطرف
الأيجابي للرسول وليس العكس ، وهذا مناف للحقيقة ، خاصة أذا عرفنا وجود ماض دموي
بين الرسول وهند بنت عتبة زوجة أبي سفيان ( التي قتل أبيها وأخيها وعمها في معركة
بدر الكبرى ، التي قادها الرسول محمد ) خلاصة أنه ليس من المنطق أن يمدح أبي
سفيان الرسول وقد حدث ما حدث بينهما ، وقد جاء في الموقع التالي ما يلي :
www.islamguiden.com/kvinnor/index1289.htm
" فلما قُتِل حمزة بن عبد المطلب في معركة أحد ، مَثَّلت به وشقت بطنه واستخرجت كبده فلاكتها ، فلم تطق إسَاغتها ، فبلغ ذلك النبي فقال : ” لو أساغتها لم تمسها النار ” وفي بعض الروايات انكار ذلك وأنها ما أكلت كبد حمزة ولم يكن وحشي غلاما لها ، بل كان غلاماً لجبير بن مطعم وهو الذي حرضة علي قتل حمزة كما هو ثابت في صحيح البخاري، والثابت ان جسد حمزة قد مُثل به . والقول بأنها مثلت بحمزة بن عبد المطلب ، شأنه شأن ما اعتاده نساء الجاهلية من المثلة ، وقد كان منها في جاهليتها .. " أتوجد عداوة وثأر أكثر مما حصل ! .
www.islamguiden.com/kvinnor/index1289.htm
" فلما قُتِل حمزة بن عبد المطلب في معركة أحد ، مَثَّلت به وشقت بطنه واستخرجت كبده فلاكتها ، فلم تطق إسَاغتها ، فبلغ ذلك النبي فقال : ” لو أساغتها لم تمسها النار ” وفي بعض الروايات انكار ذلك وأنها ما أكلت كبد حمزة ولم يكن وحشي غلاما لها ، بل كان غلاماً لجبير بن مطعم وهو الذي حرضة علي قتل حمزة كما هو ثابت في صحيح البخاري، والثابت ان جسد حمزة قد مُثل به . والقول بأنها مثلت بحمزة بن عبد المطلب ، شأنه شأن ما اعتاده نساء الجاهلية من المثلة ، وقد كان منها في جاهليتها .. " أتوجد عداوة وثأر أكثر مما حصل ! .
القراءة 4 :
معاوية بن أبي سفيان عندما أسلم كتم أسلامه عن أهله فقد جاء في كتاب .. ” الأذكياء لمؤلفه إبن الجوزي ” ما يلي :
" أسلم هو / أي معاوية
، وأبوه وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس يوم الفتح . وقد رُوي عن معاوية
أنه قال : أسلمت يوم عمرة القضاء ولكني كتمت إسلامي من أبي إلى يوم الفتح " وهذا يؤكد موقفا عدائيا بين الرسول وعائلة أبي سفيان ، وهو الذي يرجح عدم دقة
القصة مع هرقل الروم ، أن لم تكن أكثر تفاصيلها مختلقة ، لأنها بالنتيجة تصب في
مصلحة عائلة أبي سفيان .. الذي يعتبرون من دهاة العرب فقد جاء في الموقع التالي و هو قول منسوب لمعاوية بن ابي سفيان :
www.huffpostarabi.com/2016/05/22/story_n_10094944.html
" .. عُرفت شخصية زياد ابن أبيه بالذكاء وسرعة البديهة ، فكان واحداً من دهاة العرب الأربعة في التاريخ ، إلى جانب معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ، ولمعاوية مقولة شهيرة يقول فيها : أنا للأناة ، وعمرو للبديهة ، وزياد للصغار والكبار ، والمغيرة للأمر العظيم ) لأجله أنه هكذا أختلاق وتغيير ليس بجديد على أل سفيان .
القراءة 5 :
www.huffpostarabi.com/2016/05/22/story_n_10094944.html
" .. عُرفت شخصية زياد ابن أبيه بالذكاء وسرعة البديهة ، فكان واحداً من دهاة العرب الأربعة في التاريخ ، إلى جانب معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ، ولمعاوية مقولة شهيرة يقول فيها : أنا للأناة ، وعمرو للبديهة ، وزياد للصغار والكبار ، والمغيرة للأمر العظيم ) لأجله أنه هكذا أختلاق وتغيير ليس بجديد على أل سفيان .
القراءة 5 :
أما المقطع الأخير لحديث هرقل لأبي سفيان حول ألتماسه غسل قدمي
الرسول (( .. فإن كان ما تقول حقا يوشك أن يملك موضع قدمي هاتين ، وهو نبي ، وقد
كنت أعلم أنه خارج ، ولكن لم أكن أظن أنه منكم ، ولو أعلم أني أخلص إليه لالتمست
لقيه ولو كنت عنده لغسلت قدميه . )) !!! فالمقطع يستحق التوقف عنده ، لأنه ليس من
العقل والمنطق لملك دولة عظمى ، أن يلتمس غسل قدمي الرسول ، وأذا صدق عامة مسلمي
تلك الحقبة القصة ، فعالم اليوم لا يمكن أن يعقل بأرهاصات أبي سفيان من أختلاقات
قصصية ! وأعتقد أن الأخير قد قرأ ما جاء بالأنجيل حول قول النبي يوحنا المعمدان
بخصوص المسيح ” بأن يوحنا ليس أهلا أن يحل سيور حذاء المسيح ” ، فقد جاء في موقع
سانت تكلا ، ما يلي (( .. وفي تلك الأيام أقبل يوحنا المعمدان يكرز في برية
اليهودية ويقول ” توبوا فقد اقترب ملكوت السموات” (مت 3: 1 و2) فكان يخرج إليه
أهل أورشليم وكل اليهود وجميع بقعة الأردن فيعتمدون منه في الأردن معترفين
بخطاياهم (مت 3: 5 – 6) وإذ كان الشعب ينتظر والجميع يفكرون في قلوبهم عن يوحنا
لعله هو المسيح أجابهم يوحنا قائلا : ” أنا أعمدكم بماء ولكن يأتي من هو أقوي مني
الذي لست أهلا أن أحل سيور حذائه هو سيعمدكم بالروح القدس ونار" .
أرى هناك
هالة من القداسة أراد سفيان بن حرب أن يهيلها على الرسول ، تشبيها بمقولة يوحنا
المعمدان بحق المسيح ، من أجل أطماع سياسية وسلطوية لقبيلة بني أمية ، والمستقبل
العائلي لهذه العائلة في الحكم أكبر دليل على هذا !! .
القراءة 6:
القراءة 6:
قد أختصت قبيلة – بني أمية / أبي سفيان حرب والأمويين عامة ، بتزوير
النصوص الأسلامية من أيات واحاديث و.. ، وأرى أن أختلاق الموضوع الذي نحن بصدده
ليس هو الأول بل هو أحد النماذج المختلقة من قبل بني أمية وكبيرها أبي سفيان حرب
، فقد جاء في الموقع التالي بعضا من هذه الشواهد ، وقد أخترت بعضا منها :
www.almaaref.org/books/contentsimages/books/almaaref –
ونقلت بتصرف ( .. وقد استغل معاوية هؤلاء الأشخاص في سبيل إيجاد تبرير ديني لسلطان بني أمية ، أو على الأقل لكبح الجماهير عن الثورة برادع داخلي هو الدين نفسه ، يعمل مع الروادع الخارجية : التجويع ، والإرهاب ، والإنشقاق القبلي ، هذا بالإضافة إلى مهمة أساسية أخرى ألقاها معاوية على عاتق هؤلاء الأشخاص وهي اختلاق ” الأحاديث ” ونسبتها إلى النبي ) ، وقد عمد معاوية أيضا على تمجيد الامويين ، وقد جاء بهذا الخصوص ما يلي ( فمن ذلك يرجع إلى تمجيد بني أمية وعلى الأخص عثمان ومعاوية ويجعلهم في مرتبة القديسين ، كهذا الذي رواه أبو هريرة عن الرسول ” إن الله ائتمن على وحيه ثلاثاً : أنا ، وجبرائيل ، ومعاوية “. ) ومن تزوير الأحاديث أنقل التالي ( .. وإن النبي ناول معاوية سهماً فقال له : ” خذ هذا حتى تلقاني في الجنة “. والحديث التالي / حول العلم ، ” أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، ومعاوية حلقتها “. وحديث ” تلقون من بعدي اختلافاً وفتنة ، فقال له قائل من الناس : فمن لنا يا رسول الله ؟ قال : عليكم بالأمين وأصحابه ، يشير بذلك إلى عثمان “. ) .. تأسيسا لما ذكر ، أرى أن حديث عظيم الروم هرقل وسفيان ، يندرج تحت هذا المنحى والنهج من الأختلاق !! .
www.almaaref.org/books/contentsimages/books/almaaref –
ونقلت بتصرف ( .. وقد استغل معاوية هؤلاء الأشخاص في سبيل إيجاد تبرير ديني لسلطان بني أمية ، أو على الأقل لكبح الجماهير عن الثورة برادع داخلي هو الدين نفسه ، يعمل مع الروادع الخارجية : التجويع ، والإرهاب ، والإنشقاق القبلي ، هذا بالإضافة إلى مهمة أساسية أخرى ألقاها معاوية على عاتق هؤلاء الأشخاص وهي اختلاق ” الأحاديث ” ونسبتها إلى النبي ) ، وقد عمد معاوية أيضا على تمجيد الامويين ، وقد جاء بهذا الخصوص ما يلي ( فمن ذلك يرجع إلى تمجيد بني أمية وعلى الأخص عثمان ومعاوية ويجعلهم في مرتبة القديسين ، كهذا الذي رواه أبو هريرة عن الرسول ” إن الله ائتمن على وحيه ثلاثاً : أنا ، وجبرائيل ، ومعاوية “. ) ومن تزوير الأحاديث أنقل التالي ( .. وإن النبي ناول معاوية سهماً فقال له : ” خذ هذا حتى تلقاني في الجنة “. والحديث التالي / حول العلم ، ” أنا مدينة العلم ، وعلي بابها ، ومعاوية حلقتها “. وحديث ” تلقون من بعدي اختلافاً وفتنة ، فقال له قائل من الناس : فمن لنا يا رسول الله ؟ قال : عليكم بالأمين وأصحابه ، يشير بذلك إلى عثمان “. ) .. تأسيسا لما ذكر ، أرى أن حديث عظيم الروم هرقل وسفيان ، يندرج تحت هذا المنحى والنهج من الأختلاق !! .
كلمة :
تزوير الموروث الأسلامي هو فعل أرتكبه أصحاب الشأن / من رواة الحديث
والكتبة والعلماء وشيوخ الدين والفقهاء وغيرهم ، في الحقب الأولى للرسالة المحمدية
، وبدوافع من قبل الخلفاء والأمراء ، لأغراض سلطوية ، منها تثبيت الحكم والخلافة
.. أما واقع حالنا الأن : فنحن نعيش حياة مادتها وتفاصيلها هلامية ، ووجدنا على
أرض وفي مجتمع وفي ظرف وفي زمن وفي حال وفي مجتمع وبيئة ، هو الأسوأ عقائديا
ومذهبيا ، تجهل فيه تفريق الحقيقة عن الباطل ، فالماضي دموي ، معقد ومركب ، والحاضر
مخطوف دينيا وعقائديا ، رمادي النهج ، ظلامي الخطاب ، أما المستقبل فمجهول !! .
يوسف تيلجي : مفكر حر
أضف تعليق: